شؤون استراتيجيةشؤون عسكرية وامنية

مسؤولة أميركية في بغداد.. وخبراء يتحدثون عن أسباب الدفء في العلاقات

العراق - دولي - العلاقات الدولية

بعد صعود حكومة رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، بدعم من كتل الإطار التنسيقي الشيعي أواخر العام الماضي، توقع كثير من المراقبين حصول نوع من القطيعة بين بغداد وواشنطن نظرا لقرب قوى الإطار من إيران، الغريم الأبرز للولايات المتحدة في الشرق الأوسط.

لكن المؤشرات العلى الأرض تقول عكس ذلك، خصوصا مع بدأ باربرا ليف مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، الاثنين زيارة لبغداد، التقت خلالها رئيسي الوزراء والجمهورية ووزير الخارجية ومستشار الأمن الوطني، ورئيس مجلس القضاء الأعلى ورأس الكنيسة الكاثوليكية في العراق.

ليف أكدت، وفق تصريحات نقلتها وكالة الأنباء العراقية الرسمية، دعم بلادها لـ”خطوات السوداني في تقديم الخدمات وإطلاق إصلاحات اقتصادية ومكافحة الفساد وتعزيز علاقات العراق مع محيطه الإقليمي”.

وأضافت أن”هنالك ديناميكية واضحة في عمل الحكومة وسعي متواصل لإيجاد وضع اقتصادي جيد ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني بدأ بالإصلاح الاقتصادي وهو جهد يحتاج لسنوات ونحن ندعمه”.

وأعربت المسؤولة الأميركية عن دعم واشنطن لـ”رؤية رئيس الوزراء (العراق) في تحسين الخدمات ولديه أجندة واضحة في برنامجه الحكومي وأولوياته ذات أهمية نحو عراق آمن ومستقر وكذك هنالك جهد موازٍ لدى رئيس الوزراء وحكومته لمكافحة الفساد”.

ويقول مراقبون أميركيون وعراقيون لموقع “الحرة” إن زيارة ليف هي جزء من “حميمية” عراقية – أميركية، ربما تكون إيران سببا إضافيا لترسيخها، بدلا من تهديدها.

واشنطن

يقول زميل معهد دول الخليج العربي في واشنطن، حسين إيبيش، لموقع “الحرة” إن السبب الرئيسي للعلاقات القوية بين العراق والولايات المتحدة “هو أن كلا الطرفين بحاجة إلى بعضهما البعض”.

ويضيف أن “الولايات المتحدة تحتاج إلى دولة عراقية قوية، وأن تكون لها علاقات جيدة معها من أجل حماية المكاسب التي حققتها داخل العراق في ما يتعلق بمحاربة الإرهاب والحفاظ على المصالح الغربية هناك على الرغم من موقف إيران القوي داخل بغداد”.

ويستشهد حسين بانخفاض معدل الهجمات على القوات الأميركية في المنطقة، وخاصة في العراق.

وفي حين إنه لا توجد إحصائية تظهرعدد الهجمات الشهرية، إلا أن المتابع للأخبار القادمة من العراق يمكن أن يلحظ انخفاضا في الهجمات التي تستهدف القوات الأميركية وقواعدها، حيث كانت مجموعات مسلحة مجهولة تستهدف بانتظام أماكن تواجد تلك القوات.

وفي مارس الماضي، قال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن للمشرعين في الكونغرس إن إيران ووكلاءها شنوا 83 هجوما ضد القوات الأميركية في العراق وسوريا منذ تولي الرئيس جو بايدن منصبه.

ونقل موقع Task &Purpose الأميركي عن العقيد المتقاعد بيتر منصور، الذي شغل منصب الضابط الإداري التابع لقائد جميع القوات الأميركية في العراق في ذلك الوقت، قوله إن “بايدن تولى منصبه قبل 26 شهرا، وبالتالي فإن إجمالي 83 هجوما يترجم إلى ما يزيد قليلا عن ثلاث هجمات ضد القوات الأميركية شهريا”، وبالمقارنة، “هاجمت الميليشيات المدعومة من إيران القوات الأميركية عدة مرات في اليوم خلال زيادة القوات في العراق عام 2007″، كما قال

وردا على تلك الهجمات، شن الجيش الأميركي أربع عمليات رئيسية ضد الجماعات المدعومة من إيران، كما قال أوستن خلال تصريحاته للجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأميركي خلال جلسة استماع للجنة القوات المسلحة، حضرها بعد أسابيع قليلة فقط من تواجده في بغداد ولقائه رئيس الوزراء العراقي بداية مارس.

أوستن التقى في بغداد رئيس الحكومة العراقية
أوستن التقى في بغداد رئيس الحكومة العراقية

ويقول حسين إن “العراق مهم للغاية للولايات المتحدة، التي تمتلك قوات في الشرق الأوسط، وفي الممرات البحرية المجاورة له، وهو ضروري للحفاظ على الاستقرار والأمن في ما يتعلق بإيران، وبطبيعة الحال، تركيا بشكل متزايد أيضا.

قوات أميركية في سوريا - صورة تعبيرية. أرشيف
قوات أميركية في سوريا – صورة تعبيرية. أرشيف

ويضيف “العراق ذو أهمية حيوية للأمن في سوريا، وهو شريك تجاري رئيسي مع الأردن، ويمكن أن يوفر الأساس لمثلث تجاري كبير، وربما حتى أمني، مع الأردن ومصر”.

ولهذا يقول حسين إن من مصلحة واشنطن أن تحافظ على الدولة العراقية، مؤكدا “من الواضح إن كفاءة الحكومة في بغداد يمكن أن تجعل الأمور أفضل بكثير، أو أسوأ بكثير بالنسبة لواشنطن”.

ويضيف إن “إدارة بايدن تتعامل مع الحكومة العراقية على إنها حقيقة واقعة”، ومع أن الحكومة في بغداد “ليست هي التي كانت ستختارها واشنطن، لكن مع ذلك، كان يمكن أن تكون أسوأ بكثير”.

ويضيف “هناك القليل الذي يمكن كسبه من محاولة البحث عن أي بديل، لا يعتبر الصدر رهانا أكثر أمانا، ويمكن أن تكون الفصائل الأكثر تطرفا الموالية لإيران في وضع أقوى مما هي عليه الآن، لذلك تأخذ واشنطن ما يمكن أن تحصل عليه، وهو ما يحدث غالبا، في العلاقات الدولية، والسياسة بشكل عام”.

طهران

ويقول المؤرخ والباحث الأميركي من أصل عراقي، نبراس الكاظمي، إن “الحميمية” الواضحة حاليا في علاقة الطرفين “ربما تعود جذورها إلى الوقت حينما كان بايدن المشرف على الملف العراقي في فترة تزامن إدارتي أوباما والمالكي”.

ويضيف الكاظمي، وهو باحث بارز في السياسة العراقية، لموقع “الحرة” أن الكثير من كوادر الإدارة الحالية “كان قد اختبر هذه العلاقة مباشرة بل أن المسؤول المباشر لملف الشرق الأوسط حاليا هو بريت مكغورك الذي كان يحسب من جانب المراقبين كأحد المعجبين بالمالكي ومن الذين كانوا يبررون مواقف رئيس الوزراء العراقي أمام الممتعضين منها في واشنطن حينما كان مكغورك مسؤولا عن العراق في الخارجية الأميركية آنذاك”.

ووفقا للكاظمي فإن طهران تستفيد أيضا من هذه “الحميمية” حيث إنها “توفر دليلا آخر لدى طهران بصفاء نية الإدارة الحالية في العودة إلى اتفاق ينظم الانطلاقة النووية الإيرانية، ولجم أي تصرفات أحادية قد تبدر من إسرائيل لوأد البرنامج النووي من خلال ضربات جوية”.

وزراء خارجية السعودية والصين وإيران في بكين
وزراء خارجية السعودية والصين وإيران خلال لقاء المصالحة في بكين

بغداد

ويقول مراقبون عراقيون إن بغداد بحاجة إلى واشنطن وطهران معا.

ويشير المحلل، الضابط السابق في الجيش العراقي، صفاء الأعسم، إلى أن العراق مرتبط بالولايات المتحدة بعلاقات إستراتيجية.

ويضيف الأعسم لموقع “الحرة” أن “العلاقة طويلة المدى التي تجمع البلدين مستمرة، والدليل على ذلك تزايد الزيارات والتنسيق بين البلدين”، كما أن “السنين المقبلة ستحمل تحسنا أكبر في العلاقات مدفوعة بكثرة العقود المبرمة بين الجانبين والتي تمتد لسنين طويلة مقبلة”.

ويعتقد الأعسم أن بغداد تستفيد من وضعها كـ”صمام أمان” في العلاقة بين طهران وواشنطن.

وحتى في أكثر أوقات تدهور العلاقات الأميركية الإيرانية، إبان رئاسة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، بقيت الإدارة الأميركية مستمرة بمنح الاستثناءات لبغداد من أجل السماح لها بالاتجار، وشراء الطاقة، مع طهران، مما وفر وقتها مبالغ بالعملة الصعبة احتاجتها إيران بشدة بسبب العقوبات الخانقة التي كانت تمر بها.

ويقول الأعسم إن العلاقة بين واشنطن وطهران تبدو أيضا في طريقها إلى التحسن نتيجة كثير من الهدوء في المنطقة، مستشهدا بعودة العلاقات السعودية الإيرانية، التي لعبت بغداد دورا هاما بالوساطة لتحسينها بعد سنوات من القطيعة.

مع هذا يقول الباحث والمحلل السياسي العراقي الكردي، ياسين عزيز، إن الاستقرار الواضح بين حكومة السوداني والإدارة الأميركية “لم يصل بعد إلى مرحلة الاستقرار الاستراتيجي”.

ويضيف عزيز لموقع “الحرة” أن هذا الاستقرار “يبقى مهددا بالسطوة والنفوذ الإيرانيين على فعاليات سياسية عراقية، والجماعات التي تمتلك أسلحة يمكن أن تهدد الاستقرار الأمني وحتى السياسي إذا لم تسيطر القيادات السياسية على أداء تلك الجماعات التي أيقنت خلال الفترة الماضية بأن مصالحها تكمن في الاحتفاظ بعلاقات مستقرة غير مستفزة ومهددة للمصالح الأميركية في العراق”

متابعة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى