أسباب ودوافع النزاعات المسلحة – الدكتور مهند العزاوي
بحوث ودراسات- النزاعات المسلحة
أسباب ودوافع النزاعات المسلحة
الدكتور مهند العزاوي
17 أيلول 2022
تعد النزاعات المسلحة سمة أساسية من سمات التفاعل السياسي عبر التاريخ، وقد عاصرت جميع الازمان والامبراطوريات وصعود الدول وافولها ، وتعددت اشكالها وصورها وهي ببساطة الحرب بين خصمين دول او جماعات او اكثر ، وما يميزها انها تحول سياسي من الواقع الحالي الى واقع اخر مختلف ، وبمثابة الخروج من حالة الاستقرار السياسي والثبات الاستراتيجية الى حالة اللايقين الاستراتيجي ، والانتقال الى مرحلة ضبابية تشوبها الفوضى وعدم الاستقرار ، لاسيما ان كان التقدير والتقييم الاستراتيجي للحرب غير دقيق ، مما يجعل الدول التي تخوض النزاع مثقلة بفاتورة الحرب الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية، وتتحمل اسقاطاتها الاستراتيجية سياسيا واقتصاديا وعسكريا واجتماعيا لفترات طويلة، وربما تذهب بها الى حالة الانهيار الناتجة عن الحرب ، والامثلة من تاريخنا المعاصر كثيرة .
ماهي الحرب؟
هي نزاع مسلح تبادلي بين دولتين أو أكثر من الكيانات غير المنسجمة، ومصممة بشكل ذاتي لتحقيق هدف سياسي ما، والحرب باعتبارها استمرارا للعمليات السياسة: فعندما تفشل الدبلوماسية، فيقرر بعض الفاعلين دولا او زعماء استخدام القوة.
وتصف أنها “عمليات مستمرة من العلاقات السياسية، ولكنها تقوم على وسائل مختلفة.” وتعد الحرب تفاعلًا بين اثنين أو أكثر من القوى المتعارضة والتي لديها “صراع في الرغبات
وأنها صراع مسلح بين الدول بقصد فرض وجهة نظر سياسية، وبشكل عام هناك خمسة أنواع من الحرب:
- الحرب التقليدية:
حرب معلنة بين الدول، لكن لا تُستخدم فيها أيّ أسلحة نووية أو بيولوجية أو كيماوية. وتتّسم هذه الحرب بأنها محدودة الانتشار ذات هدف سياسي عسكري محدد، ومحدودية الحرب لا تعتمد على الزمن الحربي، بل تعتمد على مدى تحقيق الأهداف المرسومة
- الحرب الشاملة
تتميز الحرب الشاملة بعدم وجود تمييز بين الجنود المقاتلين والمدنيين والهدف منها هو تدمير موارد المنافس حتى لا يتمكن من مواصلة الحرب، وقد يشمل ذلك استهداف البنية الأساسية الرئيسية في دولة العدو ، ومنع وصول إمدادات المياه أو الأغذية، حيث يمكن استخدام الأسلحة البيولوجية أو النووية وأسلحة الدمار الشامل
- الحرب غير التقليدية
هي الحرب التي يكون فيها طرف أو أكثر من الأطراف المتقاتلة من الجيوش غير النظامية بدلاً من القوات النظامية. حرب العصابات هي أحد أشكال الحرب غير النظامية، ومن ثم تعتبر حرب غير متماثلة.
- . حرب أهلية
نزاع مسلح ضمن إطار الدولة الواحدة يدور بين طائفتين او أكثر من اجل السيطرة على السلطة او إقليم الدولة او جزء منه وقد تكون الاسباب دينية، او طائفية او عرقية او طبقية او اجتماعية.. الخ
- الحرب بالوكالة
تعني نشوب نزاع مسلح بين دول وأطراف مختلفة (تنظيمات أو جماعات أو ميلشيات) يعمل كل منها أو بعضها لمصلحة دول أخرى لتحقيق اهداف في المنطقة محل الصراع
وتتولى الدول المعنية بهذا الصراع تأمين الرواتب وتمويل الإنفاق العسكري للأطراف المتنازعة وتقديم الأسلحة وربما الإسناد اللوجستي والمعلوماتي.
أسباب النزاع المسلح
- اختلاف الأهداف السياسية والمصالح الخارجية
- الأسباب التاريخية
- تهديدات الامن الوطني
- ضعف الحكومة وعدم سيطرتها على مرتكزات الدولة الاقتصادية والأمنية والعسكرية
- النزاع المسلح على الثروات الاستراتيجية بين الدول (حقول النفط والغاز )
- الانهيار الشامل للدولة
- محددات المجال الحيوي
- ظواهر الإرهاب والتمرد والعصيان والتدخل الخارجي
- التحولات السياسية والاقتصادية العالمية
دوافع النزاعات المسلحة
- تغيير الواقع السياسي او الجغرافيا السياسية
- العقيدة السياسية
- الثروات الاستراتيجية
- الهيمنة والسيطرة والنفوذ
- تفكيك قوة الدولة الجيوسياسية – مقترب تحويل النزاع
- حالة اللاتعايش بين فاعلين، ٔأحدهما يتعرض للضرر، والاخر اما ان يكون متسببا في هذا الضرر بشكل متعمد ٔاو انه يتجاهل وجوده
- النوايا المسبقة المتعلقة بالرهانات السياسية
- سوق الحرب
انواع النزاعات
- الحرب بين دولتين (شاملة او محدودة)
- النزاع الحدودي بين دولتين يتطور الى حرب
- الدولة التي تحارب الجماعات المسلحة المتمردة
- الحرب الاهلية
- الحرب بالوكالة
- وضعية الاحتلال
- حروب استنزاف الدولة
- المليشيات المسلحة
- التمرد والإرهاب
كيف ننظر للنزاعات المسلحة
ننظر الى النزاع المسلح من فوهة الوصف والقانون والتاريخ وطبيعة النزاع:
- سمة بشرية تعود الى مايقارب 3000 سنه قبل الميلاد
- ظاهرة عالمية، وشكلها ونطاقها يحدده المجتمع الذي يقوم بها.
- نهج سياسي اذ يشكل النزاع المسلح أحد أساليب وادوات السياسة
- شدة العمليات في المسرح العسكري
- طبيعة وشكل النزاع والأساليب والأسلحة والتحولات والنتائج والاثار
- محددات القانون الدولي لحقوق الانسان – لحماية حقوق الانسان في السلم والحرب
- محددات القانون الإنساني الدولي – قانون الحرب” أو “قانون النزاعات المسلحة”
- آثار النزاعات المسلحة والقيود على أساليب الحرب.
النزاعات المسلحة من وجهة نظر الأمم المتحدة
تحظر الأمم المتحدة منذ عام 1945 اللجوء إلى القوة المسلحة في العلاقات بين الدول، باستثناء حالات الدفاع عن النفس أو العدوان، ويتم التعامل مع النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية قانونيا من خلال قانوني
- القانون الدولي لحقوق الانسان
- القانون الإنساني الدولي
ويصف القانون الدولي الإنساني النزاعات المسلحة على انها
- حرب بين دولتين أو أكثر
- الاحتلال العسكري لبعض أو كل أراضي لدولة ما
- حروب التحرير الوطني
القانون الدولي لحقوق الانسان
منظومة من القواعد الدولية المصممة لحماية وتعزيز حقوق الانسان للجميع دون تمييز بغض النظر عن جنسيتهم ومكان اقامتهم، او أصلهم العرقي، لغتهم او ديانتهم، وقد اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 10 كانون الأول/ديسمبر 1948، نتيجة لما خبره العالم في الحرب العالمية الثانية.
وينص القانون على حقوق مترابطة غير قابلة للتجزئة يكفلها القانون ويلزم الدول بالتصرف لحماية حقوق الانسان وتعزيز سلامتهم في زمني السلم والحرب
القانون الإنساني الدولي
القانون الإنساني الدولي – قانون الحرب” أو “قانون النزاعات المسلحة” واتفاقيات جنيف الاربع لعام 1949 والبروتكولات الاضافية 1977-2005 ، ويتكون القانون من فرعين:
- قانون الحرب
- حقوق الإنسان
ومخصص للحد من آثار النزاعات المسلحة لدوافع إنسانية، ويفرض قيوداً على الوسائل والاساليب المستعملة في الحرب، ويحمي القانون الأشخاص الذين لا يشاركون في الاعمال القتالية والمدنيين والأسرى
قانون الحرب، قانون النزاعات
ويهدف الى وضع قواعد منظمة للعمليات الحربية لتخفيف الأضرار الناجمة عنها إلى أقصى حد تتيحه الضرورات العسكرية، وينقسم أيضا إلى فرعين:
- قانون لاهاي، أو قانون الحرب نفسه
- قانون جنيف، أو القانون الإنساني
ويعالج الوضع القانوني لأسرى الحرب، والوضع القانوني للجرحى والغرقى في العمليات الحربية البرية والبحرية، والوضع القانوني للسكان المدنيين في الأراضي المحتلة
اذن تصنف المؤسسات والمنظمات الأممية النزاع المسلح الى قسمين
- النزاع المسلح الدولي
- النزاع المسلح غير الدولي
النزاع المسلح في القانون الانساني الدولي
يصف القانون الدولي الوضع في بلد ما بـ “النزاع المسلح” في حالة:
- أن يكون النزاع بين الطرفان دولتين
- عندما تلجأ دولة إلى استخدام القوة ضد دولة أخرى
- دولتين أو أكثر في مواجهة بعضها البعض
- حين تصبح قوة حفظ سلام متعددة الجنسيات طرفًا في النزاع المسلح
- وضعية الاحتلال تعتبر أحد أشكال النزاع المسلح الدولي
- دولة تسيطر على أنشطة جماعة مسلحة لتعمل ضد حكومتها
خلاصة
تعد النزاعات المسلحة بكافة اشكالها سمة سياسية ، واحد ابرز أدوات السياسية باستخدام القوة القاهرة او القوى المجتمعة ( تحالف عسكري) او استخدام القوى الوكيلة ( الجماعات المسلحة غير الحكومية) او باستخدام التنظيمات الإرهابية، وغرضها تغيير الواقع السياسي بالقوة او الاطماع السياسية والمشاريع التوسعية ، ولم تنجح الأمم المتحدة ومنظماتها من تطبيق القوانين الواردة في الاتفاقيات ولم تنجح في ايقافها ، او فرض واقع قانوني يوجب إيقاف الحرب بين الأطراف المتحاربة ، واكيد السبب في هيكلة الاطار الدولي ، والية النظام المعمول به والأشخاص المعنين الذين يعتقدون ان الحرب مهما كانت ويلاتها واثارها المدمرة فهي سوق تجاري ومكاسب مالية ، وفوضى تدر مكاسب مالية باهضه على الافراد والشركات والمنظمات ، على عكس القيم والمعايير التي يشير لها القانون الدولي ، وكما تشير نظريات العلاقات الدولية الى ان القوة اهم عامل مشترك في نظرياتها ، ومن يمتلك القوة واسبابها وحقائقها لا يلتزم بالقانون الدولي ومخرجاته وتطبيقاته كما نراه في الواقع السياسي الدولي المخضب بالحروب والنزاعات، مما يجعل العالم يعيش على طبق من الازمات والمعاناة والاضطراب الدولي دون ضوابط ورادع للنزاعات المسلحة .
المصادر
مهند العزاوي – مادة النزاعات المسلحة 2022
قانون النزاعات المسلحة – لجنة الصليب الاحمر الدولية , 2015
تصنيف النزاع المسلح – موقع الأمم المتحدة