رصد وتقييم المؤشراتشؤون استراتيجيةمقالات استراتيجية

شبح العنف الطائفي يطل برأسه في العراق – الدكتور مهند العزاوي

العراق - داخلي - منتدى الراي

شبح العنف الطائفي يطل برأسه في العراق

د. مهند العزاوي

على اثر غزو العراق 2003 وتفكيك الدولة العراقية ، وفي 23 مايو، 2003 أعلن الحاكم المدني للعراق “بول برايمر” المنصب من الولايات المتحدة ،  حل القوات المسلحة العراقية ووزارة الدفاع ، وتسريح جميع عناصر الجيش العراقي والحرس الجمهوري، وإلغاء جميع الرتب العسكرية ، والجيش بكل صنوفه العاملة في الدولة ؛ وذلك بحسب قرار سلطة الائتلاف المؤقتة رقم 2 لتاريخ 23 مايو، 2003، دون مبر سياسي أو اداري لا حتى مسوغ قانوني او قرار اممي دولي يجيز له ذلك ، ثم اعقبها إرساء نظام سياسي مخالف للبيئة العراقية وهندستها الاجتماعية والوطنية ، حيث لم تشهد النظم السياسية في العالم برمته هكذا نظام سياسي ، يعتمد أساسا على الطوائف والمذاهب والمكونات بدلا من الشعب والمجتمع ، ولا في اميركا والهند والصين وروسيا ودول أوروبا.

واعتمدت في تشكيلة على التركيبة السياسية اللبنانية بعد انتهاء الحرب الاهلية التي استمرت من عام 1975 إلى عام 1990، وعلى ضوء أتفاق الطائف لعام 1989، أكثرية شيعية اقلية سنية واقلية كردية ، مع العلم ان العراق لم يكن قد خاض حرب أهلية كما في لبنان حتى تستنسخ تجربته وتطبق في العراق ، ومن هنا بدأ مشوار تدمير العراق وتحويله الى ساحة حروب طائفية ، وانتهاكات لا حصر لها ، فضلا عن التدخل الدولي والإقليمي الحاد في الشأن العراقي، ولم تكتفي الأمم المتحدة بشرعنة الاحتلال فحسب ، بل اسهمت في تشكيل حكومة ازمات في العراق حرصت على تغليب ابعد الطائفي فيها  ، ودعمت هذا القالب من خلال غض الطرف عن الانتهاكات والفساد والنهب المنظم لثروات العراق ، وقد أدخلت الشعب العراقي في أزمات حادة ، ومن المفارقة ان غالبية السياسيين الذين شغلوا المناصب الوزارية والرئاسية ، يحملون الجنسيات الاجنبية ، ولم يحسنوا نقل التجربة الاجنبية بمداها الإيجابي ، كما يشار اليها في وسائل الاعلام ، ومؤشرات الجودة وحقوق الانسان الى العراق ، بل اعادوا العراق الى العصور الوسطى.

وكانت الطائفية السمة الأكبر في عراق ما بعد 2003، وشهد حروب دموية مؤلمة بكل صورها ، راح ضحيتها مئات الالاف من العراقيين ، وقد أذكت كل الأحقاد الدفينة والكراهية التي يخصبها رموز الأحزاب الطائفية ، ولم تكتفي الة الحرب بذلك، بل جعلوا من العراق الساحة الرئيسية للحرب على الإرهاب، بعدما سمحوا للتنظيمات الإرهابية بالتوغل الى العراق من خلال تسهيلا لوجستية قدمتها دول جوار العراق ، لكي يبقى العراق  مقسما ضعيفا خاضعا لملحمة النهب الحر للعراق .

الطائفية سلاح الاطماع في العراق وهو منظومة متكاملة وليست عقيدة مذهبية سياسية فحسب ، وتفتعل كل فترة احداث تعيد للذاكرة الانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية التي غض الطرف عنها المجتمع الدولي ، وجعلها امرا مقبولا ، مع انها جرائم يحاسب عليها القانون رغم وجود بعثة الأمم المتحدة بشكل دائم في العراق ، واصبح الإرهاب سلاح سياسي يوظف لمحاربة كل من يطالب بحقوق المواطنة او يطالب بدولة مدنية ، فسيتعرض للاتهام بالإرهاب ، ومن المثير للريبة عندما تسخر كل الإمكانيات والتحالفات الدولية والأموال لمحاربة تنظيم إرهابي  على مدى 15 عام ولم تنجح مما يطرح أسئلة كبيرة وكثيرة عمن يقف خلف هذه التنظيمات الإرهابية ويحركها في مسرح الدمى السياسي بالعراق.

في الوقت الحرج وبعد انتهاء الانتخابات وتحول الحكومة العراقية لتصريف أمور،  تطل الطائفية بأبشع صورها وتلوح من جديد بسيناريوهات 2006 وغيرها من الانتهاكات الطائفية ، التي سجلتها الذاكرة البشرية ووثقتها الدول والحواسيب السياسية ، ببساطة الطائفية نهج وثقافة وعقيدة ، يحملها أعداء الإنسانية لتدمير المجتمعات والشعوب ، كفى واحقنوا دماء شعبنا العراقي، فأننا بالفعل نحتاج الى “جمعية الرفق بالعراقيين”  لان كما قال الشاعر العربي ” طرفة بن العبد”( وظلم ذوي القربي أشد مضاضة على النفس من وقع الحسام المهند)

‏الأحد‏، 31‏ تشرين الأول‏، 2021

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى