دراسات الحربرصد وتقييم المؤشراتشؤون عسكرية وامنية

حالة اللايقين في الحرب الروسية الأوكرانية بقلم الدكتور مهند العزاوي

دولي -الحرب في اوكرانيا - اسئلة استشرافية

حالة اللايقين في الحرب الروسية الأوكرانية

الدكتور مهند العزاوي*

‏الجمعة‏، 28‏ تموز‏، 2023

تأخذ الحرب في روسيا منحى متصاعد في مسرح العمليات، ولم نلمس حتى الان اية مؤشرات تفاوض ، او عقد صفقة من شانها توقف الحرب، ومن الواضح خيار التراجع لكلا الطرفين مكلف ، مالم يكن هناك منطقة وسط بين الطرفين ، يتفق عليها احد اطراف النزاع كروسيا ، او الدول الداعمة لأوكرانيا عسكريا ، وتعد الولايات المتحدة الامريكية هي الطرف الأقوى في مثل عذا القرار.

وقد نشرت صحيفة “the National Interest ” في مقال لها بتاريخ 27-7-2023 بعنوان “التفاوض على إنهاء حرب أوكرانيا‏”[1] للكاتب “بول بيلار” وذكر في مقدمة المقال العبارة التالية ( من شبه المؤكد أن إنهاء الحرب في أوكرانيا سينطوي على شكل من أشكال المساومة بين أوكرانيا وروسيا ، وسيترك وضعا يمثل حلا وسطا بين مصالح البلدين)

ومن هنا نفكر ماهي الأسئلة التحليلية التي يفترض طرحها ، لاقتحام مساحة اللايقين في هذه الحرب؟ وماهي دقة الأجوبة ؟ عن هذه الأسئلة حتى نصل الى “الفاصل الزمني اللائق” لنهاية هذه الحرب، نعم ان مقاومة وقف الحرب من قبل الطرفين تخضع لمعايير مختلفة، والاهم الى اي مدى يمكن ان تستمر روسيا بالحرب ، والى أي مدى يمكن لأوكرانيا الصمود او تغيير الموقف العملياتي ، بما يحسن وضعها التفاوضي ، واكيد الأخيرة مرتبطة بحالة الاندماج بالولايات المتحدة وحلف الناتو.

وفي قاعدة “ماذا لو” في التحليل نطرح أسئلة منطقية ذات طابع استشرافي ، يتسق بالواقع السياسي والعسكري، بخصوص استمرار الحرب في أوكرانيا ، وما هو الوقت المناسب لوقف الحرب، ونحن نعلم ان هناك من يضع التواريخ ، ودلالاتها ، لإيقاف الحروب كما حصل في حروب كثيرة.

أوكرانيا مسالك العمليات:

تمكنت أوكرانيا من إيقاف الهجوم الروسي الذي شن في فبراير2022 ، في أماكن مختلفة من محاور الهجوم الروسي الواسع ، حيث صمدت العاصمة “كييف” ولم تسقط وقد فشلت نظرية (الرأس) ، وعلى اثرها تم إعادة تصميم المعركة من قبل روسيا ، وتقليص محاور الهجوم ، ولم تتمكن روسيا من حسم المعارك بشكل سريع ، وبخسائر اقل كما خطط له ، ولوحظ  اشراك قوات غير نظامية ومرتزقة في معاركها ، وحتى الان تعد الخسائر الأوكرانية مقبولة ، قياسا بقدرات المهاجم ، حيث تعتبر روسيا ثاني اكبر قوة عسكرية عالميا، والأول نوويا ، وسنطرح أسئلة استشرافية حول مسالك العمليات هناك :

  1. ماذا لو نجح الهجوم الاوكراني المضاد لأرباك الدفاعات الروسية من غرب زبوراجيا باتجاه ميليتوبل ، وعزل شبه جزيرة القرم بريا ، لاسيما المنطقة فيها شبكة طرق صالحة لتقدم الاليات؟ (ارباك القوات الروسية)
  2. ماذا لو خالفت الاستنتاجات القوات الأوكرانية ، وهاجمت من على الحدود الروسية الأوكرانية انطلاقا من ليمان ، وتتخطى باخموت وأفدييكا، لتستهدف ماريوبول ، وتقطع الطرق الساحلية اللوجستية الى شبه جزيرة القرم ، وتعزل القوات الروسية غربا؟ لاسيما شبكة الطرق تسمح باستخدام القطعات المدرعة (ارباك خطوط الدفاع الروسية وقطع الطرق اللوجستية)
  3. ماذا لو انهارت المنظومة الدفاعية الروسية على اثر انخفاض المعنويات غرب إقليم “دونباس” وتوغل القوات الأوكرانية بشكل مبعثر صوب شبه جزيرة القرم (يشتت القوة الروسية المدافعة ، ويخرق الدفاعات بشكل غير متوقع، ويربك الخطة الدفاعية الروسية)
  4. ماذا لو اقتنعت قيادة الناتو بان لا جدوى من الهجوم الاوكراني المضاد وربما لم يحقق الأهداف المرسومة له ، انطلاقا من تقييم المرحلة التمهيدية من الهجوم والذي خسرت فيه أوكرانيا 20% من قوة الواجب؟
  5. ماذا لو انتهجت أوكرانيا استراتيجية (عضة النحل) واستنزفت القوات الروسية المتواجدة في مسرح العمليات (المهارشة المبعثرة)
  6. ماهي عواقب فشل الهجوم الاوكراني على التفاوض وانهاء الحرب؟

روسيا مسالك العمليات:

تعتبر خسارة روسيا الحرب امرا غير مقبول، ولذا نجد ان القيادة الروسية تنوع في الأساليب الممكنة والوسائل حتى تحافظ على المكاسب الاستراتيجية المتحققة من الحرب ، وتعمل على عدم انهيار التصميم الدفاعي عن المدن المستولى عليها ، فضلا عن العواقب السياسية داخليا وخارجيا على روسيا ، وربما تفكر بسيناريو استخدام الأسلحة النووية التكتيكية المنتشرة في روسيا ، وعلى حافة مسرح العمليات ، وفي بيلاروسيا المتاخمة لمحور العاصمة كييف، وهنا نطرح الأسئلة الاستشرافية المتعلقة بإمكانية وقف الحرب من قبل الجانب الروسي:

  1. ماذا لو اجهضت روسيا الهجوم الاوكراني بجهده الرئيس، وأوقعت خسائر فادحة بالقوات الأوكرانية؟ ماهي النتائج المترتبة على ذلك سياسيا وعسكريا؟ (خسارة أوكرانيا اخر ورقة لتحسين موقعها بالتفاوض)
  2. ماذا لو استخدمت روسيا حرق الأجواء، واستهداف العاصمة كييف كهدف عسكري وتمكنت من شل القيادة العسكرية الأوكرانية؟ (تحرم أوكرانيا من قابلية الحركة والمناورة)
  3. ماذا لو قامت روسيا بمناورة واستخدمت عمليات خلف الخطوط لإجهاض الهجوم الاوكراني، والقضاء على قوة الهجوم ؟ (يشكل انهيار شبه شامل للقوات الأوكرانية)
  4. ماذا لو أخفقت القوات الروسية في احتواء الهجوم الاوكراني، وتم ارباك المنظومة الدفاعية في المناطق المستولى عليها في إقليم دونباس، وشبه جزيرة القرم؟ ماهو رد الفعل العملياتي الروسي – اعلان الحرب او استخدام الأسلحة النووية التكتيكية ؟
  5. ماذا لو استخدمت روسيا الأسلحة النووية التكتيكة؟ (عواقب دولية ومخاطر دخول حلف الناتو الحرب)
  6. هل تتمكن روسيا من ادامة الزخم الحربي في مناطق التماس العملياتي والاستراتيجي لاسيما بعد ضم السويد وفنلندا الى حلف الناتو؟

الأسئلة الاستراتيجية

  1. هل تستطيع أوكرانيا المطاولة بالنفس الطويل وتستنزف روسيا؟
  2. هل تستخدم روسيا الأسلحة النووية التكتيكية التي نشرت في بيلاروسيا ومتى؟ كما ذكرناه في الأفعال الممكنة الروسية؟
  3. هل ستستخدم قوات فاغنر كقوة ضاربة تستهدف العاصمة كييف؟
  4. هل سيستمر حلف الناتو بإفراغ خزينه الحربي واسلحته وعتاده لأجل حرب غير مضمونة النتائج؟
  5. هل ستستمر الولايات المتحدة وكندا وألمانيا وبريطانيا بأمداد أوكرانيا بالدعم المالي والعسكري في حالة عدم اليقين؟
  6. هل يسعى حلف الناتو الى التوغل في الحرب وتطويرها الى حرب المحاور؟
  7. هل تسعى روسيا الى تشتيت الأهداف ، وتثبيت الغرب على جبهة أوكرانيا بينما تطور نفوذها في افريقيا والشرق الأوسط؟

اذن الإجابة على هذه الأسئلة تحتاج الى قراءة واقعية ، ومقاربة بين اهداف اطراف الحرب ، وحتى الان توجد منافع استراتيجية لحلف الناتو بضم السويد وفنلندا الى الحلف ، ومه استمرار الحرب في أوكرانيا ، ماهي التحديات الاستراتيجية والمخاطر في ظل غياب دولة الأمان بين حلف الناتو وروسيا ؟

*عميد ركن متقاعد – خبير عسكري

[1] . https://nationalinterest.org/blog/paul-pillar/negotiating-end-ukraine-war-206669

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى