رصد وتقييم المؤشراتمقالات استراتيجية

دور المؤشرات السياسية في التحليل الاستراتيجي . الدكتور مهند العزاوي

المؤشرات السياسية - التحليل الاستراتيجي

 

دور المؤشرات السياسية في التحليل الاستراتيجي

الدكتور مهند العزاوي*

تعد المؤشرات احد ابرز أدوات التحليل الاستراتيجي والتخصصي ولها الدور الأكبر في فهم ومعرفة الموقف الاستراتيجي بكافة ابعاده، وغالبا ما يستخدم نتيجة تحليل المؤشرات في صنع واتخاذ القرار ، واحيانا تغيير طبيعة القرار او تطور وسائله في ظل توارد المؤشرات اللحظية ، وتعد قراءة المؤشرات بشكل سليم هي احد المهارات الاستراتيجية المطلوبة من المحلل او المراقب او المتابع للأداء السياسي المتعلق بدولة او تنظيم او منظمة او تحالف ما.

ويعتبر التحليل الاستراتيجي من التحليلات العلمية العملية ، كونه يعتمد على تمحيص وفرز المعلومات والقراءة الصحيحة والمحترفة للمؤشرات من خلال دقة البيانات ، والإحصائيات المعتمدة على الواقعية  ، وحداثة قاعدة البيانات ، وتستخدم فرق التحليل مختلف الأدوات ، والتقنيات ، والنماذج  وتعتبر المؤشرات عامل أساسي في تحليل المعلومات والبيانات ، لتحقيق الاهداف المهمة التحليلية ، وتعمل على تصنيف وفهم النمذجة السياسية ، وبذلك يقودنا الى إنتاج نماذج متعددة من السيناريوهات والفرضيات ، وبدورها تقود الى استنتاجات منطقية تحدد المسالك[1] المطلوب اتخذها ، لتكون مدخلات معتمدة في عملية صنع واتخاذ القرار.

ويمكننا التعبير عن مفهوم التحليل الاستراتيجي “هو مجموعة العمليات الفكرية والاجرائية والمعلوماتية التي تستخدمها فرق التحليل  لتشخيص  موقف وقدرة المؤسسة ، ومدى التغير الحاصل في البيئة الخارجية ، وتأثيره على المؤسسة او الدولة ، لكشف الفرص والتهديدات التي تلوح في الأفق الخارجي ، بعد تشخيص عوامل القوة ونقاط الضعف والسمات أو المميزات المختلفة في البيئة الداخلية ، مما يساعد على تحقيق العلاقة الايجابية بين التحليل الاستراتيجي للبيئة وتحديد أهداف الوحدة الاقتصادية والإستراتيجية المطلوبة، ونقسم التحليل  الاستراتيجي  الى قسمين:

  1. التحليل الاستراتيجي المؤسسي: – الإدارة العامة (عمل المؤسسات) وهو شائع في مجال إدارة المؤسسات – اعداد السياسات العامة – اعداد الخطط الاستراتيجية.
  2. التحليل الاستراتيجي العميق: ويتناول هذا التحليل العناصر الشبكية ضمن البيئة الاستراتيجية الدولية والإقليمية والمحلية وفقا لمسارات الامن الاستراتيجي بفروعه المهمة كـ الامن القومي والامن الوطني والامن الغذائي والامن المجتمعي وإدارة التهديد – وكذلك التطورات والتحولات السياسة وبيئة العلاقات الدولية – فضلا عن مقومات اعداد الدولة للدفاع وسياسات الردع – التحالفات الاستراتيجية – كشف التهديدات والمخاطر – تحليل اثار الحروب والنزاعات – وصناعة القرار السياسي… الخ.

تصنيف المؤشرات السياسية

المؤشر هو الدالة لكافة العمليات السياسية بمختلف أنشطتها وتفاعلاتها ويختلف من مهمة لأخرى وحسب طبيعة وشكل الأداء التحليلي والسببي، ومن الطبيعي تشهد تداول المؤشرات في الجوانب المالية والاقتصادية والمجتمعية والإنسانية والاقتصادية وكذلك العسكرية والتسليح والقضايا الأمنية والاستقرار السياسي ، كما ويدخل المؤشر في صياغة طبيعة التهديد والمخاطر ويصنف كما يلي:

  1. التصنيف الاجرائي
  • المؤشر الرقمي: هو ترجمة المحتويات إلى أرقام ونسب وإعداد وإحصائيات، ومعدلات ثم حساب التكرار لتحديد مواقع التركيز، والاهتمام او التهميش ، ويطلق عليه حاليا الرقمنة على سبيل المثال ارتفاع وتيرة العمليات العدائية في البحر الاحمر الى ثلاثون عملية أسبوعيا فهو مؤشر رقمي، يتم تخليق هذه الارقاتم ضمن اطار يومي وشهري لبيان مؤشر الامن او مؤشر التهديد او مؤشر المخاطر وكذلك يقود الى مؤشر السياسة الدولية والإقليمية.
  • المؤشر النوعي: هو المؤشر الناتج من تفسير وتحليل مؤشرات الكم الرقمية لبيان نوع التحولات التي جرت على أثر الأرقام المدرجة في المؤشرات وعلى سبيل المثال عدد العمليات في البحر الأحمر قد غيرت من وجهة التجارة البحرية الى ممرات أخرى ويمكن ان يوصف بالضد النوعي أي استخدام القوة لأهداف اقتصادية او سياسية او ما يصل له القارئ ان نوع من انوع الحروب الجيواقتصادية.
  • مؤشر الأثر:هو الاتجاه الذي يكتشفه المحلل من خلال مقاربة المؤشرات الرقيمة والنوعية والوصول الى حجم ومستوى التأثير الحاصل من جراء الأفعال على البيئة الاستراتيجية ، على سبيل المثال ، العمليات العدائية في البحر الأحمر اثرت على الاقتصاد العالمي وعلى سلاسل التوريد وتوريد الطاقة وانسيابية التجارة البحرية واجبرت الشركات على تخطي البحر الأحمر واتخاذ طرق بديلة .
  • المؤشر اللحظي: هي تلك المؤشرات التي يثبتها الراصد او المحلل من خلال المتابعة اليومية للمهام ، وعلى سبيل المثال: مؤشر لحظي التصريحات المتعلقة بنجاح او فشل مفاوضات الطرفين لهدنة في غزة.
  • مؤشرات التهديد:وهي المدخلات الأساسية التي تعتمد عليها صياغة قائمة التهديدات المحتملة والتي يتم القرار عليها بعد تحليل العوامل وبيان نقاط القوة والضعف التي تسهم في صياغة قائمة التهديد.
  • مؤشرات المخاطر: تبرز مؤشرات عديدة في البيئة الاستراتيجية الداخلية او الخارجية حول المخاطر، وتدفع إلى الاعتقاد بأنّ هنالك تحولاً رسمياً او شبه رسمياً ملحوظاً ونوعياً في حالة صيرورة، او لايزال ضمن اطار التشكيل ، وقد تخطى مرحلة التهديد الى مرحلة الخطر المحتمل او القائم ، ويبرز من خلال الرصد والتحليل وتكمن أسبابه في متغيرات إقليمية ودولية، وربما داخلية ، على سبيل المثال ازدياد نشاط التنظيمات المسلحة في مناطق النفط.
  • مؤشر التطبيقات الرقمي: التي تحصي الأرقام التفصيلية المتعلقة بعدد التفاعل والمشاهدات، وشكل وعدد ردود الأفعال فضلا عن تغطيتها المؤشرات الجغرافية والحركية للفعاليات المهمة، وتلك تغطيها التطبيقات المعنية بتتبع التفاعل.
  1. التصنيف الظرفي
  • مؤشر الاستقرار او الاضطراب السياسي.
  • مؤشر حقائق القوة وسياق تطويرها،
  • مؤشر القدرة الذي يشير الى مقدرة الدولة على استخدام القوة .
  • مؤشر التمكين الذي يشير بلوغ دولة او تنظيم ما مرحلة التمكين السياسي، او الاقتصادي او العسكري.
  • مؤشر القرار الذي يشير الى بيئة اتخاذ القرار والمتعلقة بالفعل والفاعل.
  • مؤشر الفعل الملموس الذي يشير الى السلوك والافعال السابقة.
  • مؤشر السياسات ويشر الى سياسات والتشريعات والقوانيين الفاعلة.
  • مؤشر العلاقات الدولية، والتحالفات السياسية ،والعسكرية والاقتصادية.
  • مؤشرات الانتخابات والنظم الانتخابية وهو مقياس يستخدم لغرض المقارنة بين المرشحين وكذلك النظام الانتخابي وسير العملية.
  1. التصنيف الزمني

المؤشر الزمني له صلاحية محددة في الاستخدام لأنه يرتبط بالوقت والمعلومات ومدى صلاحية المؤشر ، لاسيما ان المتغيرات في البيئة الاستراتيجية كثيرة وربما المؤشر المتحصل لم يعد ذو قيمة في ظل ورود قيم وأرقام جديدة تنفي الحالة السابقة سواء بالجانب الإيجابي او السلبي، وهناك اكثر من مؤشر زمني يمكن اعتماده حسب ما يتطلب الامر، وهناك المؤشر التاريخي الذي يعتمد على الحقائق التاريخية والسلوكية السياسية المشابه في ظروف سابقة تم التعامل معها في اطار السلم والحرب والاضطراب والاستقرار ومن هنا يثبت المحلل حالة الرصيد السلوكي للفاعل.

الخصائص العامة للمؤشرات

  1. تعطي دلالة عامة عن حالة الموقف الجاري دراسته بدرجة معينة من الدقة.
  2. تقدم صورة محدثة عن النظام، أما المتغيرات فيي محددة جدًا ومجزأة.
  3. قيمة المؤشر تدل عمى كمية رقمية تُفسر وفق قواعد ومعايير. –
  4. قيم المؤشر زمنية تنطبق على فترة زمنية واحدة
  5. المؤشر مقياس يستخدم لغرض المقارنة الذي يشير الى درجة تزيد أو تنقص عن النقطة الحقيقية والتي يجب ان يكون متفق عليها مسبقا كمعيار
  6. المؤشر يستخدم لتحليل الفجوات الذي يوضح مؤشرات الأداء وتحقيق الأهداف

فوائد استخدام المؤشرات

   عادة ما نستخدم المؤشرات السياسية في تحليل الأحداث السياسية لتقديم صورة واقعية عن الاحداث الحالية والمحتملة نظرا لأهمية المؤشر في صياغة الاستشراف السياسي ويتم من خلال الفهم العميق والمنهجي للظروف السياسية ونوايا الأطراف والدوافع المغذية للأحداث السياسية المعبرة عن سياسات واستراتيجيات الدول الفاعلة ,وتطوراتها. ومن الفوائد العملية لاستخدام المؤشرات السياسية هي:

  1. فهم الأحداث الراهنة: تساعد المؤشرات السياسية على رسم صورة واضحة ودقيقة للوضع السياسي لدولة ما او منطقة الاهتمام، وفهم الأحداث الراهنة وتوقع التطورات المستقبلية.
  2. توجيه السياسات العامة: تساعد المؤشرات السياسية الحكومات في توجيه سياستها العامة بشكل فعال، حيث يمكن استخدام البيانات لتحديد القضايا التي تحتاج إلى صياغة سياسات جديدة او تحسين الحالية او إعادة تحليل السياسات.
  3. تحليل التوجه السياسي: قراءة وتقييم المؤشرات السياسية يسهم في تحليل التوجهات السياسية في الدول ضمن دائرة الاهتمام، ويتم تحليل اتجاهات السياسة الاقتصادية والخارجية والأمنية لتلك الدول. ويساعد ذلك في صنع القرارات الحكومية.
  4. تقييم المخاطر: يعد رصد وقراءة وتقييم المؤشرات السياسية من ابرز الأدوات الفاعلة والقوية لتقييم المخاطر السياسية المرتبطة بالعلاقات الدولية او التحالفات او الشراكات والاستثمار.
  5. تقييم الاستقرار السياسي: يمكن للمؤشرات السياسية قياس درجة الاستقرار السياسي في دولة معينة، وهو أمر ضروري وحيوي لتقييم المخاطر الاقتصادية والاجتماعية، وما لها من تأثير كبير على المواقف الرسمية وسياسات الاستثمار والأعمال.
  6. تقييم الأثر: يمكن للمؤشرات السياسية ان تحدد الأثر السياسي والاجتماعي والاقتصادي التي تحدثه السياسات الدولية والإقليمية على المنطقة او المجال الحيوي للدولة او دول التركيز الاقتصادي.
  7. القرارات الاستراتيجية يعتبر استخدام المؤشرات السياسية في تحليل الأحداث السياسية أداة قوية لاتخاذ القرارات الاستراتيجية في مجالات متنوعة مثل الأعمال والاستثمار والتخطيط الحكومي

*خبير استراتيجي

  • مقتطف من كتاب مدخل الى التحليل الاستراتيجي للدكتور مهند العزاوي

[1] . المسلك هو خطة العمل او الفكرة المعتمدة في المعالجة وفي بعض الدول تسمى الأفعال الممكنة وتسمى أيضا (الأفعال الممكنة)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى